تاريخ مدينة فاس
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ
ﺇﻥّ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻫﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴّﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﺰﺍﺧﺮﺓ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻨﺎﺑﺾ ﻓﻲ ﺃﺭﻛﺎﻧﻬﺎ ﻭﺗﻼﻟﻬﺎ ﻭﻭﺩﻳﺎﻧﻬﺎ، ﻭﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪﺩ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻧﺴﻤﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺣﺼﺎﺋﻴّﺔ ﺳﻨﺔ 1999 ، ﺃﺳّﺴﻬﺎ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺩﺭﻳﺴﻴّﺔ ﻋﺎﻡ 177 ﻫﺠﺮﻱ ( ﺃﻱ 793 ﻡ ) ، ﻭﺍﺯﺩﻫﺮﺕ ﻓﻲ ﻋﻬﺪﻩ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﺃﻫﻤﻴّﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺮﻛﺰﺍً ﺃﺳﺎﺳﻴّﺎً ﻟﻠﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲّ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱّ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲّ، ﺇﻻ ﺃﻥَّ ﺃﻫﻤﻴّﺘﻬﺎ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ ﻣُﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻟﻐﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲّ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻋﺎﺻﻤﺔ، ﻭﻧﻘﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ . ﺗﻘﻊ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻔﺘﻴﻦ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻟﻨﻬﺮ ﻓﺎﺱ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻘﺴﻮﻣﺔً ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺘﻴﻦ ﻣُﺴﻮَّﺭﺗﻴﻦ ﻣﺴﺘﻘﻠﺘﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﻋُﻤّﺮﺕ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺯﻧﺎﺗﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴّﺔ، ﻭﺗﻨﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻧﻬﺮ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺮّ ﻋﺒﺮﻫﺎ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺼﺪﺭﺍً ﻣﺎﺋﻴّﺎً ﻏﻨﻴّﺎً.
ﺗُﻌﺘﺒﺮ ﻓﺎﺱ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻐﻠﺖ ﻋﻮﺍﺻﻢ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﻭﺍﺩٍ ﺧﺼﻴﺐ ﻟﻨﻬﺮ ﻓﺎﺱ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺘﻼﻝ، ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺳّﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺿﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺑﺼُﻮﺭﺓ ﻣُﻨﻔﺼﻠﺔ : ﻓﺎﻟﺸﺮﻗﻴّﺔ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻷﻭﻝ ﺳﻨﺔ 789 ﻡ، ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﻴّﺔ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺳﻨﺔ 809 ﻡ، ﻭﻻﺣﻘﺎً ﺍﺗّﺤﺪﺕ ﺍﻟﻀﻔّﺘﺎﻥ ﺗﺤﺖ ﺣُﻜﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻴّﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ .
ﻭﺗﻮﺟﺪ ﺣﻮﻝ ﻓﺎﺱ ﺗﻼﻝ ﻣُﻨﺨﻔﻀﺔ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺗُﻐﻄﻴﻬﺎ ﻏﺎﺑﺎﺕ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻷﺷﺠﺎﺭ، ﻭﺗﻮﺟﺪ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺃﺭﺍﺽٍ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﻜﺜﺮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺮﻭﻡ ﻭﺍﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ، ﻭﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ، ﻭﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﻋﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﻤﺎﻋﺰ ﻭﺍﻷﺑﻘﺎﺭ .
ﻭﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻣُﻘﺴّﻤﺔ ﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ، ﻭﻫﻲ : ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺒﺎﻟﻲ، ﻭﻓﺎﺱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ . ﻭﻳﻤﺘﺎﺯ ﺟﻮﻫﺎ ﺑﺤﺮﺍﺭﺗﻪ ﺻﻴﻔﺎً ﻭﺑﺮﻭﺩﺗﻪ ﺷﺘﺎﺀً، ﻭﺑﺎﻋﺘﺪﺍﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺮﺑﻴﻊ، ﺣﻴﺚ ﻳﻜﺜﺮ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺡ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﻳﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﻮﺳﻤﻴﻦ، ﻭﻏﺎﻟﺒﺎً ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻭﻗﺼﻮﺭﻫﺎ ﻭﺃﺑﻨﻴﺘﻬﺎ، ﺃﻭ ﺣﻀُﻮﺭ ﻟﻠﺘﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻘﺪ ﻟﻠﻨﻀﺎﻝ ﺃﻭ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﻗﻀﻴّﺔ ﻓﻜﺮﻳّﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ .
-ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻓﺎﺱ
ﺗﻨﻘﺴﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ . ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻫﻲ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺒﺎﻟﻲ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺘﺒﺮ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻋﺮﺍﻗﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴّﺎً، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺑُﻨﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻴﻦ ( ﺃﻗﺪﻡ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ) ﻭﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤُﻠﺤﻘﺔ ﺑﻪ ( ﺃﻗﺪﻡ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ) ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥَّ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺒﺎﻟﻲ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﺩﻕ ﺍﻷﺛﺮﻳّﺔ . ﻭﺃﻣﺎ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﻤﺮﻳﻨﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ، ﻓﻬﻲ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪ ﻟﻠﻌﺼﺮ ﺍﻟﻤﺮﻳﻨﻲّ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻳﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻲّ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ﺗُﻮﺟﺪ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳَّﺴﻬﺎ ﺍﻟﻤُﺴﺘﻌﻤﺮﻭﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴّﻮﻥ ﺳﻨﺔ 1916 ، ﻭﺗﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺤﻄﺔ ﻗﻄﺎﺭ ﻭﻣُﻌﻈﻢ ﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ
ﻭﺗُﻘﺎﻡ ﻓﻲ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﻓﺎﺱ ﺍﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﻭﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴّﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻋﻠﻤﻴﺔ ﻭﻓﻜﺮﻳﺔ ﻭﺩﻳﻨﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗُﺼﻨّﻒ ﻛﻤﻮﻗﻊ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲّ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﻣُﻨﺬ ﻋﺎﻡ 1981 ﻡ . ﻭﻟﻔﺎﺱ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﻧﺎﺑﻀﺔ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ، ﻭﺃﺯﻗّﺔ ﻣﻠﺘﻮﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻄّﺎﺭﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻳﺎ ﻭﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﻤّﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﺼﻮﻥ، ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﻭﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻲ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺻﺪ ﺍﻟﻔﻠﻜﻲ، ﻭﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ . ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺠﻮّﻝ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺷﺪ ﺳﻴﺎﺣﻲّ ﻛﻲ ﻻ ﻳﻀﻴﻊ ﺍﻟﺴﺎﺋﺢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﺗﻤﺘﺎﺯ ﺑﺸﻮﺍﺭﻋﻬﺎ ﺍﻟﻀﻴّﻘﺔ ﺟﺪﺍً ﻭﺍﻟﻤُﻌﻘّﺪﺓ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﺆﻫﺎ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻊ ﻣُﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺕ، ﻭﺗﻨﺘﺸﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻷﻋﺮﺍﺱ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺭﺛﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﻭﻃﻘﻮﺳﻬﺎ .
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ
ﺗﺄﺳّﺴﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ " ﺣﻲ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻴﻦ " ، ﻭﻭﺳَّﻌﻬﺎ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 808 ﻡ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ " ﺣﻲ ﺍﻟﻘﻴﺮﻭﺍﻧﻴﻴﻦ " ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ، ﻭﻣُﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺩﺭﻳﺴﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ، ﻭﻗﺪ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻋﺪﺩ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﺧﺘﻠﻄﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤُﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﻴﺮﻭﺍﻥ ﻭﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ﻭﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﺟﺒﺎﻝ ﺃﻃﻠﺲ، ﻭﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﻓﺎﺱ ﺃﻫﻤﻴَّﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻇﻞّ ﺣُﻜﻢ ﺳﻼﻟﺔ ﺍﻷﺩﺍﺭﺳﺔ، ﻭﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺸﺂﺕ ﻣﻌﻤﺎﺭﻳّﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﺍً .
ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ ﺍﺳﺘﻘﺮَّﺕ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺎﺱ، ﺗﺤﺖ ﺣُﻜﻢ ﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻴﻦ ، ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺢ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔﻴﻦ ﺑﺪﺧﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1069 ﻡ، ﻭﻫﻮ ﻳﺸﺘﻬﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺣَّﺪ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺴﻮﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺰﺃﻳﻦ ﻣُﺨﺘﻠﻔﻴﻦ، ﻗﺎﻡ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺿﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﻬﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﺳﻮﺭٍ ﻛﺒﻴﺮ ﻳُﺤﻴﻂ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻛﻠّﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1143 ﻡ ﺩﻣَّﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﻱّ ﺃﺳﻮﺍﺭ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﻭﻓﺘﺤﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺼﺎﺭٍ ﺩﺍﻡ ﺗﺴﻌﺔ ﺷﻬﻮﺭ، ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﻳﺔ، ﻭﻇﻠَّﺖ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺣُﻜﻢ ﺍﻟﻤﺮﻳﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ .
ﺃﻣﺮ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ( ﻭﻫﻮ ﺛﺎﻟﺚ ﺧﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﻳﺔ ) ﺑﺒﻨﺎﺀ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣُﻼﺻﻘﺔ ﻟﻔﺎﺱ ﺳﻤَّﺎﻫﺎ " ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ " ، ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻭﺍﺣﺪﺓً ﻣﻦ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴّﺔ، ﻭﺃﻣّﺎ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ( ﻭﺍﺳﻤُﻬﺎ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﺒﺎﻟﻲ ) ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴّﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳّﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳّﺔ، ﻭﺷﻐﻠﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﻗﻌﺖ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺗﺤﺖ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲّ، ﻭﺣﺼﻠﺖ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﺗﺖ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻣﺮﻛﺰ ﻣُﻌﻈﻢ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱّ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ .
ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ
.1 ^ " ﻓﺎﺱ " ، ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ، ﺍﻃّﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ .2016-12-05
.2 ^ " Medina of Fez" , UNESCO, Retrieved 05-12-2016 .
.3 ^ " Fes | Morocco" , Britannica , Retrieved 05-12-2016 .
.4 ↑ " Fes Morocco" , VodooSkies , Retrieved 05-12-2016 .
.5 ↑ " ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻨﺎﺀ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻴﻦ " ، ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻮﻗﺎﻑ ﻭﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ، ﺍﻃّﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ .2016-12-05
.6 ↑ " Oldest university" , Guiness World Records, Retrieved 05-12-2016 .
.7 ↑ " ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻴﻦ " ، ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻧﺖ ، ﺍﻃّﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ .2016-12-05
.8 ↑ " It's a kind of magic" , The Guardian , Retrieved 05-12-2016 .
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻋﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺱ
ليست هناك تعليقات