ابزو:شهادة الأستاذ القدير عبد اللطيف الهدار في حق الشاعر الزجال والباحث في فن العيطة الأستاذ إدريس بلعطار بمناسبة تكريمه ضمن فعاليات مهرجانها الثامن للثرات الثقافي الأمازيغي
ابزو:شهادة الأستاذ القدير عبد اللطيف الهدار في حق الشاعر الزجال والباحث في فن العيطة الأستاذ إدريس بلعطار بمناسبة تكريمه ضمن فعاليات مهرجانها الثامن للثرات الثقافي الأمازيغي
هدا نص الشهادة التي أدلى بها الاستاد عبد اللطيف الهدار في حق الشاعر الزجال والباحث في فن العيطة ؛ الأستاذ إدريس بلعطار، بمناسبة تكريمه في "ابزو" يوم السبت 22 / 09 / 2018، من قبل جمعية واورينت للتنمية والتعاون، ضمن فعاليات مهرجانها الثامن للثرات الثقافي الأمازيغي.
" أن تدلي بشهادة في حق شخص حباه الله من الصدق والنقاء والنبل والشهامة والأنفة والمصداقية والشفافية... ما إن تفرق على الغير لكان كافيا للجموع، وزيادة. وخصه بمَلَكة إبداعية استغوارية واستشرافية، ورؤية متبصرة ونافذة، قلما تجدهما عند غيره من الذين يشتغلون بالأدب وعلى الأدب؛ شعرا أو نثرا، إبداعا أو نقدا..
أن تدلي بشهادة في حق شخص بهذه المواصفات، وماهي في الحقيقة إلا غيض من فيض، خاصة إذا كان هذا الشخص قريبا من القلب، بل يقيم فيه أميرا معززا مبجلا، لعَمرك، إن ذلك ليس بالأمر السهل الهين.
إنك تخشى إن فعلت، أن يصير الحديث تذويتا، وتخشى أن يأخذك عنان اللسان على سجيته، فينطلق بك إلى أن تقول في حقه، وأنت صادق فيما تقول انطلاقا من إحساسك الخاص ومعاينتك الشخصية، ما قد يحسبه السامع مبالغة، أو يخاله مجاملة.
وما أنت بالمبالغ، وما أنت بالمجامل. كذلك أحسست وأنا أهم بتدوين كلمة أردتها أن تكون خفيفة شكلا، صادقة مضمونا، في حق الشاعر الزجال المختلف، والباحث المفتون بتراثنا الثقافي الشعبي؛ الأستاذ إدريس بلعطار.
ومع ذلك أقول: عرفت الأستاذ إدريس بلعطار أول ما عرفته من خلال زجلياته، و أول مرة التقيته فيها، كانت في المهرجان العربي لربيع الشعر العربي بمدينة مولاي إدريس زرهون قبل سنوات، وجمعتني به على هامش اللقاءات الرسمية للمهرجان جلسات حميمة رفقة ثلة من الأصدقاء الأدباء والشعراء، ودائما كان مدار الحديث في هذه الجلسات الحميمة الزجل المغربي، ولا شئ غير الزجل المغربي: مدارسه، شيوخه، خصائصه، إيقاعاته، واقعه الراهن في مشهدنا الثقافي، آفاقه المحتملة...
ومنذ تلك الجلسات الحميمة، صرنا صديقين. ووطد صداقتنا أكثر؛ اشتراكنا في الرؤى والمواقف، وميلنا الفطري لقيم الخير والجمال والانتصار للحق، وانتماؤنا اللامشروط للشعب وقضاياه.. وجمعتنا الأيام بعدها في عدة ملتقيات وجلسات، وتواصلنا في الواقع كما في الافتراضي، وما زلنا نتواصل. وخبرتُ عن قرب ومعاينة هوسَ الرجل بالثرات الثقافي الشعبي، وعشقه الأفلاطوني لقصيدة الزجل.
ولست مزايدا أبدا، إذا قلت أن إدريس بلعطار ساهم بحظ وافر في إقامة الدليل والحجة والبرهان على القيمة الأدبية والفنية والفكرية للقصيدة الزجلية في المغرب، وكان له نصيب كبير في فرض وجودها جنسا إبداعيا راقيا، استطاع أن ينتزع الاعتراف به انتزاعا من المؤسسات الأكاديمية والرسمية التي كانت تتبنى فيما سبق نظرة دونية لهذا الفن الأصيل.
وبفضل إدريس بلعطار، ومعه ثلة من الزجالين المغاربة المرموقين والغيورين، استطاعت القصيدة الزجلية أن تقتحم الحرم الجامعي، وأن تجد لها المكانة اللائقة بها في الدرس الأدبي الجامعي، واستطاعت أن تفرض نفسها على النقاد والدارسين والمشتغلين بالإعلام الثقافي، واستطاعت أن تعبر الحدود إلى البلدان المغاربية وما بعدها. وكان إدريس بلعطار، بصدق، من خيرة سفرائها في هذه البلدان.
واعترافا بفضله الذي لا يمكن أن ينكر، أقامت له جامعة شعيب الدكالي بمدينة الجديدة تكريما أكاديميا قلما يضاهى في نجاحه، وفي قيمته الأدبية والعلمية، يليق بالمقام العالي للأستاذ إدريس، ويسمو بفن الزجل في المحفل الجامعي.
والذين يعرفون إدريس بلعطار، يعرفون أن الرجل لا يتنكر لأحد، وأنه يثمن عاليا جهود الزجالين من مجايليه ومن أتى بعدهم، ويعترف ويقر بالدور الريادي والاستثنائي لأصحاب قصب السبق من الزجالين الرواد، أمثال: إدريس المسناوي، وأحمد لمسيح، ومحمد الراشق، ورضوان أفندي، وغيرهم. ويعرفون أنه منذ الملتقى الوطني الأول للزجل الذي أقيم بمدينة تيفلت سنة 1997، انخرط بدينامية عالية وفعالية كبيرة ونشاط وافر، في العمل على تأهيل وتأصيل القصيدة الزجلية الجديدة في المغرب، لتتبوأ المكانة التي تستحقها وتليق بها، فكان من المبادرين إلى تأسيس هياكل تنظيمية وإطارات ثقافية كالرابطة المغربية للزجل، والاتحاد المغربي للزجل، متحملا بصبر وأريحية، مسؤوليات عدة في مكاتبها المسيرة. هياكل وإطارات استهدفت النهوض بفن الزجل، وكانت لها دفعة قوية ودور هام في الطفرة النوعية التي عرفها هذا الفن في العقدين الأخيرين. وكان أن ساهم، وما زال يساهم، في الحركة الزجلية عبر الانخراط في تنظيم العديد من الملتقيات، والمساهمة في الكثير من الإصدارات. وكان ملهما لغير قليل من زجالي الجيل الجديد. وكان واحدا من الزجالين القلائل الذين حققوا نجاحات مبهرة للقصيدة الزجلية المغربية. ومهما قلنا عن الرجل في هذا الصدد، فإننا قطعا باخسين حقه، ولن نوفيه له أبدا.
أما القصيدة البلعطارية، فسأكون محجفا بكل تأكيد لو أنا تعرضت لها بشئ في هذه الكلمة المتواضعة. إنها أكبر من تسعها الكتب، وأكبر من أي كلام. ويكفيها شرفا أنها حظيت بعدة دراسات أكاديمية، وكانت موضوعا لعدة أطروحات ورسائل جامعية، وأنها أضفت على القصيدة الزجلية المغربية بهاء وهيبة ووقارا واحتراما، بعد أن عانت لزمن طويل من التهميش والتنقيص والتبخيس، وأن كثيرا من الزجالين ساروا على نهجها واستفادوا من خصوصياتها ونسجوا على منوالها، لذلك يصح أن نقول أن القصيدة البلعطارية تشكل لوحدها مدرسة، وأن إدريس بلعطار زجال من ذهب عيار 24.
هنيئا لنا بك، أستاذ إدريس، وإننا بك لفخورون، وتأكد أنك ستبقى شامخا فينا بتواضعك وعطائك، وبكل ما تتمتع به من سمو ونبل.
ذ.عبد اللطيف الهدار
ليست هناك تعليقات