الاحباط في حياتنا

د.محمد قاسم
ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﺑﺎﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ..ﻭﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻲ ﻗﺪ ﻳﻜﺒﺖ ﻋﺪﻭﺍﻧﻴﺘﻪ
ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻮﺍﺟﻪ ﺑﻌﺪﻭﺍﻥ ﺃﺷﺪ. ﻭﻛﺒﺖ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻗﺪ ﻻ
ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ . ﻓﻘﺪ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻤﺤﺒﻂ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﻪ ﻧﻔﺴﻪ .
ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ، ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﺪ ﺗﺤﻘﻴﺮ
ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﻟﻮﻣﻬﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﻭﺧﻴﻤﺔ ﻛﺎﻻﻧﺘﺤﺎﺭ ﺃﻣﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﺘﻘﺒﻞ، ﻭﻳﺤﻘﻖ
ﺇﺷﺒﺎﻋﺎً ﻟﻤﻌﻈﻢ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻌﻒ ﻋﻨﺪﻩ
ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎﻁ، ﻭﺗﺮﺗﻔﻊ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻟﺪﻳﻪ، ﻓﻼ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﺇﻻ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ، ﻭﺗﺰﻳﺪ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻤﻞ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺟﺔ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺔ
ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻟﻺﺣﺒﺎﻁ ﻭﺗﻘﻮﻳﻤﻪ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺄﻧﻲ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﻴﻦ ﺁﻥ ﻭﺁﺧﺮ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺃﻥ ﻳﻔﻜﺮ
ﻭﻳﺘﺄﻣﻞ ﻭﻳﺤﺪﺩ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ. ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻄﺮﻕ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺪﻑ
ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻳﺘﻜﺮﺭ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﺇﺫ ﻻﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﺃﻭﺇﺷﺒﺎﻉ ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ
ﺁﻥٍ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻧﺎﺫﺭﺍ ... ﻭﻣﻦ ﺳﺒﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻼﺕ ﺃﻥ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ
ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻹﺷﺒﺎﻉ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ،ﺃﻭﺣﺘﻰ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎً
ﻓﻲ ﻇﺮﻭﻑ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ، ﻟﻬﺬﺍ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺳﻮﺍﺀً ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﺻﻐﺎﺭﺍ .ﺃﻭﻛﺒﺎﺭ. ﻭﺳﻂ ﺩﻭّﺍﻣﺔ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ .
ﻭﻗﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ
ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﻢ،ﻭﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻬﻢ،ﻭﻇﺮﻭﻓﻬﻢ،ﻭﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ،ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻬﻢ،ﻭﺧﺒﺮﺍﺗﻬﻢ،ﻭﻗﺪﺭﺍﺗﻬﻢ
ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﺧﺼﺎﺋﺼﻬﻢ ﻭﺳﻤﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﺪﺭﺟﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﺣﺴﺐ
ﻣﺎ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ، ﻭﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﺨﺺ
ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻭﻣﻦ ﻇﺮﻑ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ
ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻭﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ
ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻌﺎﺋﻖ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺪﻑ ﺑﺪﻳﻞ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ
ﻭﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﺃﻭﻋﺎﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ .ﺍﻭ ﺗﻀﻌﻒ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺪﻡ ﺗﻘﺒﻞ
ﺃﻭﺗﺤﻤﻠﻪ ﻟﻸﺧﺮ ﻟﻬﺬﺍ ﻳﻠﺠﺄ ﻏﺎﻟﺒﺎً.ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴـّﻞ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ.
ﻓﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻣﺜﻼ،ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭﺍً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ
ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺺ ﻓﺎﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﺗُﻨﻤّﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻹﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﺃﻭ ﻻ ﺗُﻨَﻤّﻴﻬﺎ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩ
ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻮﺓ ﻭﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﺒﺬ، ﻳﻨﻤﻮ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﻟﻠﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎﻁ، ﻭﺗﻨﺨﻔﺾ
ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻟﺪﻳﻪ، ﻓﻴﺸﻌﺮ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎﻁ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﻭﺗﻀﻌﻒ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻤﻞ
ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ...

ليست هناك تعليقات