ابزو المنسية وسؤال التنمية
ابزو المنسية وسؤال التنمية
ابزو تاريخ بلدة عريقة في القدم تقع شرقي مدينة مراكش على بعد مائة وعشرين كلم وجنوب مدينة أزيلال على بعد تسعين كلم ، وتوجد ضمن قبيلة \" هنتيفة السهل \" غير بعيد عن الضفة اليسرى لواد العبيد . وعلى الرغم من محاولة تأويل لفظ \" ابزو \" فانه يظل غامض الدلالة ، فقد ذهب البعض إلى أنه بربري الأصل مركب من \"أز – و- بو أي بمعنى أزبو ويقصد بها كل وانصرف ، فثم بعد ذلك حسب اعتقادهم تحريف مواقع الحروف لتصبح \" ابزو \" بينما ذهب البعض الآخر إلى اعتبار هذا اللفظ تعبيرا لدلالات أخرى .
يمكن تقسيم \" ابزو إلى أربع وحدات سكنية وهي \" أغبالو\" في الشمال حيث يوجد مدفن المدعو\" مولاي سعيد أمغار\" وهي قبيلة أمازيغية ،و تعني أغبالومكان العيون والروافد المائية والأشجاروغيرها . بينما تسمى الوحدة السكنية الثانية ب \"باحي \" في الغرب ، استقر سكانها وجلهم من العرب منذ أمد بعيد ، بينما تعرف الوحدة السكنية الثالثة ب\" المدرسة التي أسسها الشيخ المسمى \" سيدي الصغير بن المنهار\" ، و تعد النواة المركزية ل \" ابزو\" تاريخيا وحاليا بطابع قروي ، تقع شرق \" باحي \" وشمال \" أغبالو \" ، معظم سكانها من الأمازيغ وخاصة أهل القلعة ، كما يتواجد بالمدرسة ملاح قديم يدعى \" تيكدمين \"يقع شمال ضريح \" سيدي الصغير \" ، وتسمى الوحدة السكنية الرابعة ب \"فم تاغية \" ، حيث يوجد ضريح \" مول البرج \" في الشمال الشرقي من ابزو وسكانها خليط من العرب والأمازيغ .
اشتهرت ابزو منذ القدم كمركز تجاري بسبب موقعها في طريق القوافل الواصلة بين دمنات وفاس ، يصفها أحد المؤرخين للمنطقة يدعى حسن الوزان عند مطلع القرن السادس عشر في مؤلفه \" وصف إفريقيا قائلا : \"ابزو مدينة قديمة يجري من تحتها واد العبيد على بعد نحو ثلاثة أميال ، وسكان ابزو كلهم تجار أمناء حسنو الهندام يصدرون الزيت والجلود والأغطية إلى بلاد السودان ، وينتج جبلهم كثيرا من الزيت والحبوب ومختلف أنواع الفواكه الطيبة وتمتد الحدائق الغناء إلى إلى ضفة النهر \" .
يستشف من هذا الوصف أن منطقة \" ابزو\" حين زارها المؤرخ في بداية القرن السادس عشر الميلادي كانت معروفة بأرض خصبة ونامية بسبب تعدد محاورها المائية ، وكان في المدينة مسجد في غاية من الجمال ، وازدهرت فيها حرف كثيرة مما شجع سكانها على ممارسة التجارة البعيدة المدى .
تلاشى اللمعان مؤخرا لتصير مدينة ابزو خاصة والدائرة عامة تتخبط في مشاكل متعددة همت مختلف المجالات تطرح اكثر من علامة استفهام..؟؟
بنية تحتية رديئة
شهدت دائرة ابزو تكدسا بشريا خلال السنوات الأخيرة من ضمنها جماعات كبيرة وأخرى صغيرة ، وكل واحدة منها تضم العديد من الدواوير والمداشر ، ببنية اجتماعية تفتقر للأسس البنيوية . فعلى مستوى البنيات التحتية مثلا من طرق معبدة وقنوات تصريف المياه العادمة ... تتخبط في مشاكل بالجملة وتحتاج إلى إستراتيجية ذات أبعاد مستقبلية.
تعد دائرة ابزو إقليم أزيلال الأكثر هشاشة على هذا المستوى ، حيث تنعدم بالدائرة طرق معبدة صالحة لضمان سلامة المواطنين ،إذ باستثناء بعض الطرق الضيقة وأخرى لا تمكن من مرور سيارتين متقابلتين بل تصلح لواحدة ، وأحيانا بصعوبة بالغة تسببت في حوادث كثيرة لضيق الطرق وعناد السائقين خوفا على العجلات...
من جهة أخرى لا تزال المنطقة تشتكي من مشكل المياه العدمة التي يتم تصريفها قرب الأودية والروافد ، وقرب التشكيلات الغابوية مما تسبب في إتلاف المجالات الخضراء وثلوث المياه .كما أن رئيس الجماعة عمد إلى تشييد أسوار قرب عين تامدة مما تسبب في ثلوتها ، وحمل الرأي العام للتساؤل عن مصير 18 مليون سنتيم والتي سبق وأن أدرجت ضمن فائض ميزانية الجماعة لإعادة هيكلة عين تامدة ( منبع مائي ) لترشيد استغلالها سنة 2009 .
يعتمد النشاط الاقتصادي للمنطقة أساسا على التجارة ثم الفلاحة وخصوصا زراعة الزيتون ، هذا الأخير لم يعد ذا مردوية جيدة لقلة المياه التي أدت إلى وفاة العديد منها ، وتعتمد أيضا على زراعة أشجار الخروب ، وتشتهر بصناعة النسيج وخصوصا \" الجلباب البزيوي \" الذي يعرض بسوق الدلالة كل يوم جمعة .
على مستوى العمران تعرضت العديد من المساكن والمعالم التاريخية للانهيار وأخرى آيلة للسقوط. بمدينة ابزو ،عمد السكان إلى تشييد منازل أخرى وفق النمط العصري ، منازل منهارة وأخرى جديدة أضفت على المدينة صفة القبح المكاني تدل على الارتجالية مما أفقد المنطقة خصوصياتها.
ثلوث بيئي
من الإشكاليات التي تتخبط فيها مدينة ابزو وغيرها من الجماعات كفم الجمعة... كثرة الأزبال والنفايات.. المتناثرة بين الأحياء وقرب الأزقة والمباني والمجاري المائية ، ظاهرة لم تسلم منها حتى الغابات . ويشتكي كذلك السكان من المياه العدمة التي تسببت في إتلاف بعض المحاصيل الزراعية، والتشكيلات الغابوية والمياه، إضافة إلى الرائحة الكريهة المنبعثة من القنوات المكشوفة بالأزقة والممرات مما تسبب في أزمة بيئية ، أدت إلى حالات مرضية ، ضحيتها بالدرجة الأولى الطفل الذي يلعب قربها...يقول الحاج المختار السوسي في معسوله ” الجزء الثاني ” أهاكذي جنان الخلد أم هذه ابزو ... ؟ . وللحد من خطورتها شرعت الجماعة وإدارة التجهيز في جمعها كإشكالية تهدد المنطقة تستدعي تجاوزها والتحسيس بها من لدن الهيئات المحلية .
المصدر
ليست هناك تعليقات